الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية رسالة مفتوحة الى صقور حركة النهضة...

نشر في  10 ديسمبر 2014  (09:51)

أوجه لكم هذه الكلمات  وأنا على يقين من أنّها ستوضّح أمورا كثيرة تتعلّق باستقرار البلاد وأمنها ومستقبلكم. فبعد أن أمسكتم بزمام الحكم في البلاد لمدّة ثلاث سنوات وانتخبكم تونسيّون بحجّة انّكم «تخافوا ربي ويديكم نظاف»، فشلتم في تصريف شؤون الدولة لسبب بسيط جدّا وهو أنّكم حزب عقائدي لا يمتلك الكفاءات وليست له لا خبرة ولا دراية كافيتان بالحكم، فتفشّى الفساد والعنف والارهاب واشتعلت الأسعار وهذا ليس مسؤوليتكم ـ وحدكم ـ بما أنّ حزبي المرزوقي وبن جعفر كانا شريكين معكم في السلطة، في حين ان الاضطرابات والمناخ الاجتماعي لم تسمح لكم بالتحكم في النمو الاقصادي اضافة الى الجهل بالسياسة وضعف التكوين الاقتصادي لحمادي الجبالي الذي مني بفشل ذريع ولعلي العريض الذي خدم حزبه قبل ان يخدم البلاد لكنّه خاب على الواجهتين..

وفي الانتخابات الرئاسيّة الأخيرة أهديتم 900.000 صوت للمترشّح المرزوقي الذي ليست له أيّة مؤهّلات لا سياسيّة  ولا اقتصاديّة للاضطلاع بأعلى سلطة في البلاد، وكلّ ما يمكن انتظاره منه هو «باش يدرّع لخلايق» ويكبّل البلاد لو فاز في الانتخابات القادمة! نحن نعرف وأنتم تعرفون لماذا لم تنحازوا لبن جعفر ولا للشابي أو بن سلامة فهم عقلاء مقارنة بالمروزقي ولن يخضعوا للضّغوطات الحزبية بسهولة، وكلهم اصدقائي وأنا أعرفهم جيّدا..
وبعد ان ساندتم المرزوقي بشبكاتكم وبالملاحظين في المدن والأرياف وبجمعياتكم وأيمّتكم وامكاناتكم، اجتمع مجلس الشورى التابع لكم وقرّر من جديد ـ في انتظار موقف آخر ـ ترك «الحرّية» لأنصاركم مع دعوتكم أيّاهم الى «انتخاب المترشّح الذي يرونه مناسبا لإنجاح التجربة الديمقراطية وتحقيق أهداف الثورة» وهذه الكلمات والنعوت تعني وفي قاموسكم ان المرزوقي هو المؤهّل لإنجاح أهداف الثورة نظرا الى ان النداء متكون ـ حسب رأيكم ـ من دستوريين ويساريين غير قادرين على انجاز  المشروع «الثورجي»..
وأنا بصدد كتابة هذه الرسالة أبلغني بعض الأصدقاء انّ نقاشات  حامية الوطيس جرت بين جناحين من حركة النهضة.. وإنّي لأتوجه إلى كلّ المتشدّدين سواء كانوا شيوخا أو شبّانا لأؤكّد لهم انّهم لا يتقنون فنون السياسة وانّهم يجهلون طبيعة الشعب التونسي وليس بإمكانهم تقدير ردّة فعل  المؤسستين العسكريّة والأمنية واتحاد الشغل والمجتمع المدني في حال محاولة جرّ تونس نحو السيناريو المصري أو الليبي.. فحذار ثم حذار.. وعلى كل متشدّدي حركة النهضة ان يكونوا على يقين من أنّهم سيضرّون بأنفسهم وبحزبهم وبتونس اذا تصوّروا انّهم  قادرون على تكبيل الحكومة وإعاقتها أو بثّ الفتن العقائديّة وخاصة العنف.. إنّكم تونسيون قبل أن تكونوا نهضويين  فلا تغرنّكم امكانية استخدام الخلايا النائمة وغير النائمة في بلادنا ـ نعم بلادنا ـ ولا يغرنّكم وجود أسلحة كما صرّح بذلك الوزير منصف بن سالم، أو وجود انتحاريين كما ذكر نور الدين البحيري كما لا يغرنّكم استعمال مرتزقة حماس أو دعم من «الإمارة» او الامبراطورية العثمانيّة لأنّ تونس الوسطية ستبقى تونس بفضل نسائها ومثقفيها وجيشها وأمنها ورجالها واتحاد شغلها ونخبها حتى لو قتل الآلاف منّا.. انّ استدراج تونس نحو السيناريو المصري او السوري سيضربكم قبل ان يضربنا وذلك بعد ان فاز حزب نداء تونس بالانتخابات التشريعيّة..

فلا تخطئوا في تقديراتكم وأقبلوا بقوانين اللعبة الديمقراطية وفكروا في مصلحة تونس قبل مصلحة حزبكم الذي هو بحاجة الى مراجعة مرجعيّته الدّينية المتشدّدة، فالشعب التونسي متطور جدا على الصعيدين الحضاري والثقافي، وبالتالي من المستحيل جرّه الى مستنقع الجمود والفوضي والحرب الأهلية..
إنّي لا أدعوكم الى التصويت لفائدة قايد السبسي  بل أدعوكم الى مراجعة علاقتكم بالدين والعنف مع ارساء مبادئ اسلامية سمحة عمادها الأخلاق، ترفض الاقصاء والعنف وإحكام القبضة على مفاصل الدولة!
ثمّ انّ هناك مخاوف من قبل بعضكم من المحاكمات، وهؤلاء سيساندون المرزوقي لعله يكبل الدولة بقراراته المضحكة المبكية غير المسؤولة والمدمّرة لهيبة الدولة.. وإنّي لواثق بأنّ الحكومة المقبلة لن تدخر ايّ جهد لاكتشاف قتلة الشهيدين بلعيد والبراهمي كما ستحاول إيجاد حلول لضحايا الرشّ بسليانة، وستتعقّب من ساندوا الارهاب ماديا وبذلك تطوى الصفحة، علما أنّه لا مجال لمحاكمات جماعية ولا لظلم البعض منكم... وأتعهد بأنّي سأكون ـ ووفاء لمبادئي ـ أوّل من يدافع عنكم إذا ظلمتم مثلما دافعت في الماضي عن منصف بن سالم..
وإنّي لواثق كلّ الوثوق انّ من مصلحتكم أيّها الصّقور الاستماع الى حديث السيد راشد الغنوشي وحمائم النهضة وتوصياتهم ونصائحهم فرئيس حزبكم معروف بدهائه السياسي وقدرته على التعاطي مع الأزمات..
فحذار من التخطيط لأيّ عمل قد يسيئ للشّعب التونسي، ولو  أشعلتم نيران الفتن والعنف فحتما ستحترقون بها... كما على حمائم النهضة أن يتصدوا لهذه العملية الانتحارية المتربّصة بتونس، أي عندما يخطّط الصقور لإشاعة الفتنة والعنف وتكبيل البلاد.

بقلم: المنصف بن مراد